173-العظمة شئ ..والادمية شئ اخر


يحكى ان رجلا من احدى القرى النائية،  كان عنده ابن سيء السيرة والسريرة. وحين قطع الرجل الامل من اصلاح ابنه طرده عنه قائلا له: "انك لن تصير آدميا"

وذهب الابن هذا ودخل في الجندية حيث اظهر تفوقا وصار يرتقي الى ان اصبح بعد وقت طويل "صدرا أعظم"، اي رئيس وزراء في الآستانة. وفطن حينئذ الى والده الذي حكم عليه حكما مطلقا انه لن يصير آدميا، وارسل يستدعيه تحت التحف، دون ان يخبر احد ان المطلوب احضاره هو ابوه.

وسيق الرجل مخفورا ذليلا  الى الآستانة، التي قيل ان "المطلوب اليها مفقود والخارج منها مولود" بسبب ظلم حكامها وسوء معاملتهم لرعاياهم، وهناك استدعاه الصدر الأعظم اليه، فمثل بين يديه فحيى الصدر مرتعدا من الخوف، دون ان يتجرأ ويرفع نظره الى الصدر الأعظم.

فسأله الصدر الأعظم عن ابنه. فظن الرجل ان ابنه هذا، لا بد ان يكون قد ارتكب جريمة من حجم الخيانة العظمى، وهذا ما استوجب احضاره بهذه الطريقة المخزية ال الآستانة، فقال وهو يرتعد من الخوف: "ابني المذكور، يا سيدي، كان سيء السيرة والسريرة، رديء الأخلاق، وحينما يئست من جعله آدميا تبرأت منه وطردته عني منذ وقت بعيد، وانا لا اعرف عنه شيئا، ولست مسؤولا عنه".

قال الصدر الأعظم: " انا هو ابنك.. وها قد اصبحت صدرا اعظم".

فرفع الرجل هامته وحدق ماليا في وجه ابنه، وقال:" انا لم اقل انك لن تصير صدرا اعظم.. لكنني قلت انك لن تصير آدميا، ومازلت عند ظني فيك".

ولذل يقول المثل: " العظمة شيء.. والآدمية شيء آخر ".