165-وافق شن طبقة
كان رجلٌ من دهاة العرب وعقلائهم يقال له :شَنٌّ. فقال: لأطوفَنَّ حتى أجد امرأةً مثلي فأتزوجها. فبينما هو في بعض مسيره إذ أوقفه رجلٌّ في الطريق. فسأله شن: أين تريد؟
فقال موضع كذا، (يريد القرية التي يقصد لها شن). فرافقه فلما أخذا في مسيرهما، قال له شن: أتحملني أم أحملك؟
فقال له الرجل: يا جاهل، أنا راكب وأنت راكب فكيف أحملك أو تحملني؟! فسكت عنه شن. وسارا، حتى إذ اقربا من القرية، إذا هما بزرع قد استحصد فقال له شن: أترى هذا الزرع أُكل أملا؟
فقال له الرجل: يا جاهل، ترى نباتً مستحصدًا، فتقول أتراه أُكل أم لا؟!
فسكت عنه شن. وسارا، حتى إذا دخلا القرية لقيتهما جنازة فقال شن: أترى صاحب هذا النّعْش حيًا أم ميتًا؟
فقال له الرجل: ما رأيتُ أجهل منك! ترى جنازة فتسأل عنها أمّيت صاحبها أم حيّ فمضى معه. وكانت للرجل ابنة يقال لها :طَبَقَةُ. فلما دخل عليها أبوها سألته عن ضيفه فأخبرها بمرافقته إياه، وشكا إليها جهله وحدثها بحديثه. فقالت:
يا أبتِ، ما هذا بجاهل.أمّا قوله: أتحملني أم أحملك فأراد: أتحدثني أم أحدِّثك حتى نقطع طريقنا. وأما قوله: أترى هذا الزرع أُكل أم لا، فإنما أراد أباعه أهله فأكلوا ثمنه أم لا.
وأما قوله: أترى صاحب هذا النّعْش حيا أم ميتا، فأرادهل ترك عَقِبًا يحيا بهم ذِكْرُه أم لا. فخرج الرجل فقعد مع شنّ، فحادثه ساعة، ثم قال له: أتحبّ أن أفسر لك ما سألتني عنه؟
قال: نعم.
ففسره.
فقال شنّ: ما هذا من كلامك، فأخبِرْني مَنْ صاحبه.
فقال: ابنة لي. قال:تلك التي ابحث عنها؟
،فزوّجه إيّاها وحملها إلى أهله. فلما رأوهما قالوا: وافق شَنٌّ طبقة!؟
ومن هنا جاء المثل.