172-اذا كان الكلام من فضة فان السكوت من ذهب


يحكى ان اكثر الامثال العربية رواجا، المثل: "اذا كان الكلام من فضة فالسكوت من ذهب". ولهذا المثل حكاية، ربما بني المثل على اساسها، او ربما بنيت الحكاية على المثل، ولا بأس، فالحكاية طريفة وتجدر روايتها هنا، لئلا تضيع.
يحكى ان رجلا أصابه فالج فأقعده، والمثل يقول : "فالج لا تعالج". وكان الرجل ملجاجا كثير التذمر، لا يستقر على حال ولا يهدأ له بال . فابتكر أولاده طريقة لتسليته، وهي أنهم استأجروا احد مثقفي قريتهم يجلس إليه باستمرار ويسليه بما عنده من قصص واخبار، لقاء نصف "مجيدي" في الانهار، الى ان اخذ الله منه امانته فاراح واستراح.

وحدث بعدئذٍ، ان رجلا اخر في القرية، شاخ واقعده عجزه عن الذهاب والاياب، وكان كثير الكلام يسعده ان يجد من يصغي الى احاديثه باهتمام، ففطنت زوجته الى (المثقف) نفسه ودعته وقالت له: "دفع لك الجماعة نصف مجيدي في النهار ، لقاء احاديث متواصلة كان عليك ان تجهد عقلك لتدبيرها وان تتعب لسانك بسردها لكي تسلي الرجل، اما انا فكل ما اطلبه منك ان تجلس فقط الى زوجي وتصغي الى احاديثه، بدون اي عناء، وادفع لك الأجرة نفسها."
فقبل : وباشر عمله بالجلوس والاصغاء الى الرجل، الذي صدف ان لسانه لا يزال سليما معافى، دون سائلر اعضاء جسمه - مثل الصباط يهترئ وبيقى لسانه جديدا - وهكذا بدأ الرجل يتكلم، بدون انقطاع، فيأخذ  المثقف

ثم يرده، ثم يعيده بالحديث الى حيث بدأ به، ثم يسأله: "اين
صرنابالكلام؟" فيبدأ القصة أحيانا من طرفها ثم يعود الى أولها... "وفتناك بالكلام"... "وبيرجع مرجوعنا"... "وبلا مؤاخذة من حضرتك" ... "وتنذكر ماتنعاد"... "ويرحم بيك"...
ولم تكد تمر ساعة من الزمن حتى ضاق صدر المثقف وفرغ صبره، فنادى زوجة الرجل وقال لها : "بدي اعرف مين قال انه سعر السكوت مثل سعر الحكي؟ استلمي زوجك وانا رزقتي عالله".
ولذلك يقول المثل: " الكلام من فضة والسكوت من ذهب