اهلا يا رمضان


أهلاً رمضان..

شهر رمضان المبارك، هو الشهر التاسع من الأشهر القمرية حسب التقويم الهجري، يلي شهر شعبان، وهو شهر يتمايز عن باقي أشهر السنة الهجرية إذ كان رسول الله (ص) يعتكف كلَّ عامٍ في غار حِراء للتعبّد والتفكّر، ومن ثمَّ أكرم الله المسلمين بهذا الشّهر عندما جعله شهر الصيام والتعبّد لما له من قدسية وخصوصية عنده عزَّ وجلَّ، حيث أنَّ أول آيةٍ من آيات الوحي أُنزلت على النبي محمد بن عبد الله (ص) كانت في هذا الشهر وتحديداً في ليلة القدر منه سنة 610م: }اقرأ باسم ربك الذي خلق{.

أهلا بك يا شهر رمضان.. شهر الجمال والعظمة.. حيث تثلج صدور المؤمنين بسكينة خاصة.. فأنت شهر الجود والإحسان والمغفرة.. شهر العطاء بلا حدود.. أنت أمل النفوس الضامئة الى السلام والمحبة.. أنت نهر عذب رقراق في أرضٍ دائماً بشوقٍ اليك.

إن أفضل هدية نقدمها في هذا الشهر الكريم دعوة صادرة من الأعماق.. تأليفاً للقلوب.. تحبباً لطاعة الله والإقبال عليه، وتربية النفس بشكل خاص وذلك بصدّ الغرائز والشهوات.. 

أفضل هدية، زيادة المساحات البيضاء الناصعة بيننا، والتخلص من تلك المساحات السوداء في داخلنا.. لنكتشف مواطن الخير والحبّ فينا كي نهزم النفس الأمّارة بالسوء.. فنغسل قلوبنا بماء الطهر والعفاف والإيمان قبل أن نغسل أجسادنا.. لنضبط ألسنتنا في هذا الشهر الكريم والامتناع عن الغيبة والنميمة أو الإساءة لمن حاول تدنيس كل جميل في داخلنا.. أن نبادر الى الاعتذار ممَّن أسأنا اليهم عن قصد أو عن غير قصد.. 

إن خير هدية هي أن نتجنب الظلم ونبتعد عن المعاصي.. أن نساعد المحتاجين والفقراء واليتامى...ان نحاول بلسمة آلامهم.. أن نضع باقات ورد ورياحين على عتبات من نحبّ ومن لا نحبّ على حدٍ سواء.. أن نبتسم دائماً لذاتنا، وأن نحاول لملمة أنفسنا المشتتة في كل اتجاه.. والإبحار في أعماق أنفسنا في محاولة لمحو الذاكرة السوداوية الحزينة واستبدالها بذاكرة ملؤها الحب والسعادة.. أن نلتمس بارقة الأمل والرحمة دوماً.. أن نخرج من تلك الجحور التي وضعنا أنفسنا فيها، ألا وهي جحور التخلّف والجهل والألم.. فلنغمض أعيننا قليلاً لنشعر بمتعة البصر التي منّ الله علينا بها، وأن نتذكر أحبّة لنا رحلوا كالأحلام تاركين في أنفسنا حزناً دفيناً تتكفّل به السنون.

ما أجملك يا شهر رمضان.. أنت شهر العزة والتبصر والإباء، فمرحبا بهلولك يا رمضان، متمنين أن يكون شهراً مباركاً على الجميع.                                                                            

أعاده الله باليمن والخير والبركات

د. كمال توبة