عذاب جديد.. ضوضاء فوضى توتر.. وجوه صفراء وعيون متعبة غادرها النوم .. أجساد نحيلة خرجت من أجداثها بحثا عن لقمة عيش سلبت منها في عالم تجرد من إنسانيته فأصبح لشريعة الغاب الكلمة الفصل .. خرجت في ذلك الفجر المثقل بهموم الحياة لتنتشر في أصقاع الارض علها تجد ما يسد رمقها.. وطواويس العصور الحجرية قابعة في عروشها غير آبهة وغير معنية بأنين الثكالى ولا بدموع أطفال يتسولون في الشوارع يفترشون الارض ويلتحفون السماء.. فإلى متى سنبقى غارقين في مأساة فرضت علينا منذ ان أبصرت أعيننا النور.. فانجرفنا الى نقطة اللا رجوع فتناثرت اشلاؤنا في كل مكان .. وتغطى وجه السماء بدماء قانية .. وناب اصفر ينهش فينا.. كنا في الماضي البعيد أسياد هذا الكون.. وبين ليلة وضحاها أصبحنا عبيدا والسوط يأكل من لحمنا كل يوم .. فهل سنبقى هكذا؟ .. خنوع خضوع وذل ما بعده رجوع؟ متى نخرج من تلك الرمال التي أغرقونا فيها.. العصافير استيقظت منذ وقت طويل.. أما ان لنا ان نستيقظ؟ اما آن ان يخرج من داخلنا ذلك المارد ويعيد لنا الكرامة والعنفوان.. جبالنا شماء وأرضنا ارض الخيرات والعطاء.. وهي دائماً بإنتظارنا لكي نعود الى الأصالة والجذور .. فشجرة الارز بإنتظار زهرة اللوز والأرض بإنتظار معول الفلاح.. وسنبلة قمح اشتاقت ليدي حصاد.. وفراشة تتراقص على أنغام بلبل يشدو لحن الرجوع.. الى عالم الحب والالهام .. الى تلك الأرض التي بكتنا قبل ان نبكيها.. لكي نعيد رسم احلامنا من جديد.. فنحن واطفالنا لنا الحق ولو ان نحلم من حين لآخر.. هؤلاء الاطفال الذين رضعوا حليب العز.. في يوم ما..
سيعيدون صناعة الامجاد من جديد.. سيعيدون البسمة والفرح الى عيون وطن
طال له الانتظار.
د. كمال توبة- مرآة الغرب-
