التدخين يسبب تحورا في خلايا الرئة


علماء: التدخين يسبب تحورا في خلايا الرئة

اكتشف باحثون في جامعتين أميركية وإنجليزية أن التدخين لا يسبب أوراما سرطانية فقط بل يؤدي إلى طفرات وراثية في خلايا المدخنين. ويقول الخبراء إن تدخين علبة سجائر يوميا يتسبب في 150 تحورا في خلايا الرئة سنويا.

 

قال باحثون من الولايات المتحدة إنهم اكتشفوا حدوث تغيرات جينية ذات طابع خاص في المجموع الوراثي للأورام السرطانية التي يصاب بها المدخنون. وأوضح الباحثون في دراستهم التي نشرت اليوم الخميس (الثالث من تشرين ثان/ نوفمبر) في مجلة "ساينس" الأمريكية أن هناك خمسة نماذج تحور تحدث غالبا في هذه الأورام.

وشارك في الدراسة باحثون من المختبر القومي الأمريكي في مدينة لوس ألاموس بولاية نيومكسيكو بالتعاون مع باحثين من معهد ولكام تراست سانجر، ببلدة هنكستون الإنجليزية. وأشار الباحثون إلى أن عدد التحورات أو الطفرات التي تطرأ على الحمض النووي للمدخنين يتوقف على عدد السجائر التي يدخنونها والعضو الذي تصيبه، وأن الرئة هي أكثر أعضاء الجسم تضررا بالتدخين.

وقال الباحثون إن تدخين علبة سجائر يوميا يتسبب في حدوث 150 تحورا جينيا في العام في المتوسط في كل خلية من خلايا الرئتين. وقال لودميل أليكساندروف، المشرف على الدراسة من المختبر القومي الأمريكي في لوس ألاموس: "كانت لدينا الكثير من الدلائل الوبائية على وجود علاقة بين التدخين والسرطان، أصبحنا الآن قادرين على معرفة التغيرات الجزيئية التي تسببها السجائر في الحمض النووي وقياس حجم هذه التغيرات أيضا".

وأوضح الباحثون إلى أنه إضافة إلى الرئتين فإن تغيرات تطرأ أيضا على أعضاء أخرى بالجسم حيث تصاب حنجرة الشخص الذي يدخن علبة سجائر يوميا بمعدل 97 تحورا إضافيا في الخلية كل عام و 39 تحورا في البلعوم و 23 تحورا في الفم. كما تتضرر مثانة المدخن بواقع 18 تحورا سنويا عن كل علبة سجائر يوميا والكبد بواقع 6 تحورات وهي أعضاء ليست لها صلة مباشرة بتدخين التبغ.

ورأت مارتنيا بوتشكه لانجر، الخبيرة الألمانية في أمراض السرطان، أن الدراسة ذات أهمية كبيرة بسبب حجمها بشكل خاص وقالت في تصريح لوكالة الأنباء الألمانية (د. ب. أ) اليوم الخميس: "ستثير هذه الدراسة الكثير من الاهتمام بكل تأكيد".

وفحص الباحثون أكثر من 5000 ورما سرطانيا وقارنوا الأورام السرطانية لدى المدخنين بالأورام السرطانية لدى أشخاص لم يدخنوا في حياتهم وتبين لهم وجود بصمات جزيئية بعينها في المجموع الوراثي للأورام السرطانية لدى المدخنين.

أكدت الدراسة العلمية أن حمض الفوليك يحد من تأثير النيكوتين على البنكرياس وأن حمض الفوليك يقلل من مفعول النيكوتين الضار على الجسم. السبانخ والقرنبيط الأخضر (بروكولي) وغيرها من الخضار التي تتميز بلونها الأخضر الداكن، مثل الملفوف والكرنب، تحتوي على كمية عالية من حمض الفوليك، وهو ما يفسر دورها الفعال في تنظيف الجسم من النيكوتين.

وعثر الباحثون بالتحديد في الـ 17 نوعا من السرطان التي يزيد خطرها جراء التدخين على أكثر من نموذج تحور ربطوا بين 5 منها والسرطان الذي يصيب المدخنين بشكل خاص. من بين هذه النماذج "البصمة 4" والتي عثر عليها الباحثون بشكل أساسي في أعضاء جسم المدخن ذات الصلة المباشرة بتدخين التبغ مثل الرئة أو الحنجرة. ويعزو الباحثون الإصابة بهذا السرطان إلى نشاط أحد الإنزيمات معروف عنه أنه يسبب تحورات. وعثر الباحثون على "البصمة 5" التي لا يعرفون أصلها في جميع أنواع السرطان التي يتسبب فيها التدخين. وحسب الباحثين فإن دخان التبغ يحتوي على أكثر من 7000 مادة كيميائية أكثر من 70 منها مسببة للسرطان.

وأوضح الباحثون أن ستة ملايين شخص يموتون سنويا على مستوى العالم جراء عواقب التدخين. وتوقعت منظمة الصحة العالمية أن يتوفى أكثر من مليار إنسان بالتدخين بحلول القرن الحالي إذا استمر التدخين بنفس الوتيرة الحالية. ولم يتوصل الباحثون بشكل كامل حتى الآن لأسباب خطر السرطان لدى المدخنين حيث لا تزال هناك أسئلة تبحث عن جواب خاصة فيما يتعلق بأعضاء الجسم التي ليس لها علاقة مباشرة بالتدخين وتضرر منه رغم ذلك. وعن ذلك قال مايك ستراتون من معهد ويلكام تراست: "دللت دراستنا على أن الطريق لكشف كيفية تسبب التدخين في السرطان أكثر تعقيدا مما كنا نعتقد".

ومن المعروف لدى الباحثين أن خطر الإصابة بأغلب أنواع السرطان يتراجع بشكل واضح بعد سنوات من الإقلاع عن التدخين حيث تبين من دراسة سابقة للمعهد الألماني لأبحاث السرطان أن الإقلاع عن التدخين لمدة عشر سنوات يخفض خطر الإصابة بسرطان الرئة بواقع النصف إذا قورن بالخطر في حالة الاستمرار في التدخين. ولكن المدخن الذي أقلع عن التدخين يحتاج حسب الدراسة من 20 إلى 30 سنة ليصل لمستوى أمان غير المدخنين.

ع.خ/ هـ.د (د ب أ)