الماضي


كل ما فينا قد اصبح جزء من الماضي او في طريقه اليه.. حياتنا أضحت عذابات وآلام.. اضعنا طفولتنا.. شبابنا.. احلامنا الوردية.. حتى عنفواننا.. كلها اختفت في ليلة سوداء..  آلامنا تحولت الى خطيئة.. وقبلاتنا الى مآسي واحزان.. كنت اتخيل ذراع القرى والجبال كيف تمتد لتعانق السماء.. توهمت يوما اني قد اكتب قصيدة حب لتلك الروابي.. اغمضت عيني للحظة.. وفتحتها فوجدت امامي ورقة بيضاء.. لا احرف فيها ولا عنوان.. فرح معدوم.. أحلام سرقت.. امل وقف عند اجنحة  الليل السوداء.. لكن الروح مازالت ترفرف في عالم الطهر والنقاء.. والجسد هناك جالسا تحت زيتونة هرمة غارقا بافكار وتأملات.. مستعرضا مآسي قد حلت بنا وأخرى نحن لها بالانتظار.. لم يبقى الا وريقات أشجار ذابلة .. وبضعة منها يبست على أبواب ماضي.. في زوايا النسيان..  هل ما زالت مستمرة تلك الحياة؟.. في تلك اللحظة من الذهول انتصب امامي عملاقا وبدأ بالكلام.. فغرقنا سوية في معمعة من وحل وطين.. زمن مضت على زهوره وقت طويل دون ان تتفتح.. وحساسين بح صوتها.. فقلت في نفسي هل اقتربت النهاية.. نهضت مسرعا احث الخطى.. في دروب وعرة وبساتين عالية السياج.. لمحت بارقة امل ظهرت في الأفق البعيد.. عاصفة شقت كبد السماء.. احتجب القمر.. وولولت الريح.. وسجد الشجر.. فأنبلج فجر مبشرا بصبح جديد.

د. كمال توبة