الضفادع
جبران خليل جبران
قالت ضفدعة لرفيقتها في يوم من ايّام الصيف ؛ أنا اخشى ان نزعج أولئك القوم الذين يقيمون في ذلك البيت على الشاطبي بأغانينا الليلية.
أجابت رفيقتها قائلة حسنا! ولكن الا تجدين انهم يعكرون صمتنا اثناء النهار بثرثرتهم.
قالت الضفدعة : يجب ان لا يغرب عن بالنا اننا نكثر الغناء ونغلوا في الإكثار منه اثناء الليل!
قالت رفيقتها: ويحب ان لا يغرب عن بالنا انهم يكثرون الضجيج والثرثرة ويغالون في اللغط اثناء النهار.
قالت الضفدعة: ما القول في فحل الضفادع الذي يزعج الجيران بهديره المحرم؟
أجابت رفيقتها: نعم! ما تقولين في السياسي والكاهن ولعالم الذين يرتادون هذا الشاطئ ويملأون الهواء بضوضاء لا رؤى لها ولا إيقاعا ؟
قالت الضفدعة: حسن! فلنكن أفضل من هذه الكائناتالبشرية لنهدأ في الليل ولنحتفظ بأغانينا في قلوبنا. حتى وان تاق القمر الى انغامنا. وتطلعت النجوم الى إيقاعنا لنصمت ليله أو ليلتين على الأقل وحتى ثلاث ليال متوالات.
قالت رفيقتها: حسنا جدا! أنا أوافق وسنرى ما سينجم من طببة قلبك.
ومرت تلك الليلة والضفادع صامتة. وصمتت في الليلة التي تلت. ثم في الليلة الثالثة.
وكان اغرب ما جرى ان المرأة الثرثارة التي كانت تقيم في البيت القائم جانب البحيرة نزلت في الْيَوْمَ الثالث تتناول فطورها وصاحت لزوجها : مرت الليالي الثلاث الماضية لم اذق خلالها طعم النوم. لقد منت أغفو على نقيق الضفادع. ولا بد ان يكون هنالك شيء قد حدث فإني لم اسمع لها صوتا منذ ثلاث ليال وأكاد إجت من الأرق. سمعت الضفدعة هذا الكلام ودارت نحو رفيقتها وقالت وهي تغمز بطرف عينها : ونحن كدنا نجن من الصمت. الم نكد نجن؟
أجابت رفيقتها: اجل كان صمت الليل ثقيلا علينا. وفِي مستطاعي الان ان ادرك ان لا حاجة بِنَا الى الانقطاع عن الغناء. ترفيها عن أولئك الذين يملأون فراغ نفوسهم بالضجيج