الحادى والعشرون من آذار.. اول أيام فصل الربيع.. واشعته المزهرة في الحقول .. والورود تفيض عطرا وشذى تنشره في كل اتجاه.. هذا اليوم المبارك يصادف عيد الام.. تلك الام التي هي نور يسرقنا من انفسنا .. وقمرا ينير ليالينا الحالكة.. عبير الجنة يمر عبرها لينشر عطره الى السماء.. في القلب مئات الكلمات وفي العين آلاف العبارات .. هي التي تجرعت الشقاء مرارا لكي تسقيه لابنائها رحيق سعادة.. بعد ان كبرنا اكتشفنا ان وراء كل تجعيدة في وجه الام ووراء كل بسمة الف دمعة.. كبرنا واكتشفنا ان ابوينا كبرا واوشكا على الرحيل او قد رحلا فعلا .. بعد ان اصبحنا آباء وامهات اكتشفنا ان قسوة الام هي حنان وعطف.. وغضبها حب ورقة.. امي ما اعظمها واكبرها من كلمة فما نطقها من مخلوق الا وطأطأ الرأس اكبارا واجلالا وتقديرا..امتلأت الدفاتر والمجلدات عن الام.. لكن اليراع ما زال يحتار كيف يخط كلمة امي.. تلك الكلمة السحرية التي تتحول الى إحساس يتدفق في ذلك اليراع ويعطيه الحياة ليحول غربة الزمان والمكان الى اشعاع ونور يضئ ليالينا الحالكة ويرشدنا الى الصواب.. هي الكرامة والكبرياء.. هي ضياء الصبح الذي انبلج على الكون ليزيده رقة وعذوبة.. كل الطرق تؤدي الى حب الأم وكل حب على الأرض وكل نسمة هواء وراءها ام عظيمة.. فعلا: الام التي تهز السرير بيمينها تهز العالم بيسارها..
ما أروع الأمهات وما اقسى الابناء ..كم واحد منا يقبل رأس امه ويكلمها بإحترام وحنو؟ كم هو جاحد هذا الانسان! لاشك من اساء الى امه أولاده سيسيؤن اليه في يوم ما .. وهي معادلة تاريخية .. صلوات الام الرقيقة المتدفقة حب وايمان لا يمكن ان تظل الطريق وليس هناك فرح موجود يعادل فرح الام... أطال الله بعمر الاحياء منهن ورحم الله الاموات.
وصدق المعري اذ قال:
العَيْـشُ مَاضٍ فَأَكْـرِمْ وَالِدَيْـكَ بِـهِ والأُمُّ أَوْلَـى بِـإِكْـرَامٍ وَإِحْـسَـانِ وَحَسْبُهَا الحَمْـلُ وَالإِرْضَـاعُ تُدْمِنُـهُ أَمْـرَانِ بِالفَضْـلِ نَـالاَ كُلَّ إِنْسَـانِ
د.كمال توبة -مجلة مرآة الغرب