نذهب الى هناك ... الى تلك الارض الطاهرة ... نزورقبور احبائنا وفي صدورنا قلوب تخفق حب وحنين
ولوعة ... نزور تلك القبور المتواضعة بشكلها لكنها عملاقة بناسها ... جواهر مكفنة في ثنايا الحزن القاتم
تحمل في سيرتها القيم والاخلاق ... تحمل تاريخنا وجراحنا ودموعنا في مكون ابدي ... نذهب لزيارة تلك
القبور بقلوب حزينة لكنها فخورة ... نذهب كغمامات ضمأى تئن في رحلتها ما بين الارض والسماء نردد
اغنية من بكاء ونحيب... هناك حيث نقف امام الرحيل ونصلي صلاة الوداع الابدية ونقرأ صورة اللوعة
والحزن ممزوجة بالفخر والاعتزاز... نعود بعد الزيارة الى بيوتنا كجثة هامدة... كسنبلة نزفت حتى الموت
فتطاير الالم شظايا تشق كبد الليل والانفاس المتقطعة... عبرات مثقلة مع حسرات ذابلة تحاول التشبث
بالحياة التي تبدو كنسمة عليلة تبدأ بصراخ الام عند الولادة وتنتهي عند نواح الاحباء على تلك القبور... حقا
ما بين الحياة والموت فاصل اعلامي وتمثيلية كبرى نعيشها بحلوها ومرها بأفراحها واتراحها... لكننا لا
ننسى ان الرحيل ابدي ولا بيقى الا تلك الذكريات في خبايا الاضلع تدخل الى القلب وتخرج من المدمع ...
طبعا الرحيل ابدي حيث يركض القلب والموت بلحظة واحدة وبنفس الاتجاه فترسل الشمس دمعة محترقة...
تغمض النجوم عيناها فيغيب القمر... فجر يرسل دمعة خفيفة شاكية فتزهر الخمائل والرياحين ومن ثم يبدأ
عرس الورود عندها ترجع الروح الى ربها راضية مرضية وتدخل في عباده وتدخل جنته ويكون الرحيل
الابدي قد ابتدأ حيث يندمج الانسان في تراب الارض ويصبح ظلا زائلا تحت اقدام الموت الذي لا
يموت...عنذها نقول وداعا يا احباءنا نلقاكم في جنات النعيم ولا غالب الا الله... رحم الله امواتنا جميعا
وادخلهم جنات النعيم ...
عيد اضحى مبارك عليكم جميعا.
د. كمال توبة = مجلة مرآة الغرب