قوانين زراعة الأعضاء


قوانين زراعة الأعضاء

قامت كل من الدول النامية والمتقدمة بصياغة العديد من السياسات سعيًا لتوفير عنصر الأمان وإتاحة عمليات زراعة الأعضاء لمواطنيها. وقررت كل من البرازيل وفرنسا وإيطاليا وبولندا وأسبانيا اعتبار جميع البالغين بمثابة متبرعين مرتقبين في حالة وفاتهم، إلا إذا قرروا الانسحاب بمحض إرادتهم واستخرجوا بطاقات تفيد ذلك. وتعد إيران هي الدولة الوحيدة في العالم التي يُسمح قانونًا لأي مواطن بها أن يببع أحد أعضائه إلى مواطن آخر لإجراء عملية زراعة.[بحاجة لمصدر] وعلى الرغم من ذلك، فبينما قد ينظر متلقو الأعضاء المحتملون في الدول النامية إلى نظرائهم في الدول المتقدمة بنظرة شفقة، فإن المتبرعين المحتملين في الدول النامية لا ينظرون إلى نظرائهم في الدول المتقدمة بالنظرة نفسها. فالحكومة الهندية واجهت صعوبة بالغة في تتبع السوق السوداء المزدهرة لتجارة الأعضاء في البلاد، ولم تقم بإدانتها رسميًا حتى الآن. وقد سنَّت دول أخرى ممن تعاني من تجارة الأعضاء غير الشرعية إجراءات تشريعية لمكافحة هذه التجارة. وقد شرعت مولدوفا قانونًا يجرم التبني من دول أخرى تحسبًا لاتخاذه ستارًا من قبل تجار الأعضاء البشرية. وبدايةً من شهر يوليو 2006، حظرت الصين بيع الأعضاء وهي تدَّعي أن كافة المسجونين الذين تبرعوا بأعضائهم قد وافقوا على التبرع بأعضائهم بمحض إرادتهم. ومع ذلك، قام أطباء في بلدان أخرى، مثل المملكة المتحدة، باتهام الصين بانتهاك عقوبة الإعدام التي تتميز بارتفاع معدلاتها هناك. وعلى الرغم من هذه الجهود، إلا أن الإتجار غير المشروع في الأعضاء البشرية لا يهدأ، ويمكن أن يُعزَى إلى الفساد المستشري في مؤسسات الرعاية الصحية، والذي يقدر أن ارتفاع معدلاته يجاري ارتفاع معدلات الفساد بين الأطباء في الصين وأوكرانيا والهند، كما أن غض الطرف عن هذه الصفقات المشبوهة أثر بالسلب على الحكومات من الناحية الاقتصادية، فضلاً عن أن مؤسسات الرعاية الصحية ينبغي أن تلجأ أحيانًا إلى تجارة الأعضاء. ويجري شحن بعض الأعضاء أيضًا إلى أوغندا وهولندا. وكان هذا من ضمن المنتجات الرئيسية في التجارة ثلاثية الأطراف في عام 1934 والتي تمثلت أطرافها في أفريقيا وأوروبا والولايات المتحدة.

بدايةً من 1 مايو 2007، بدأ الأطباء المشاركون في تجارة الأعضاء يواجهون غرامات وإيقاف عن العمل في الصين. ومن المنتظر أن يُسمح فقط لعدد قليل من المستشفيات المعتمدة بإجراء عمليات زراعة الأعضاء للحد من العمليات غير القانونية. كما أن استئصال أي عضو دون الحصول على موافقة المتبرع يعد جريمة أيضًا.

في يوم 27 يونيو 2008، أقر الإندونيسي سليمان دامانيك (26 عاما) بأنه مذنب في محكمة سنغافورة ببيع كليته للمدير التنفيذي لمجمع CK Tang التجاري، وهو السيد تانج وي سونج (55 عاما)، في مقابل 150 مليون روبية (أي ما يساوي 22200 دولار سنغافوري). يجب أن تبدي اللجنة المعنية بأخلاقيات زراعة الأعضاء موافقتها على عمليات زراعة إحدى كليتي المتبرع الحي. جدير بالذكر أنه تُحظر تجارة الأعضاء في سنغافورة والعديد من البلدان الأخرى وذلك تفاديًا لاستغلال "الفقراء والمتبرعين الذين يعيشون في أدنى درجات السلم الاجتماعي ممن هم غير قادرين على اتخاذ خيارات مدروسة ويعانون من مخاطر طبية محتملة." قام المتهم الآخر، ويُدعى توني (27 عاما) بالتبرع بكليته لمريض إندونيسي في مارس، مدعيًا أنه ابن المريض بالتبني، وتلقى 186 مليون روبية (20200 دولار أمريكي). صدر الحكم بمعاقبة كل منهما بالسجن لمدة 12 شهرًا، أو دفع غرامة قدرها 10000 دولار سنغافوري (وهو ما يوازي 7600 دولار أمريكي).

في مقال نُشر في مجلة الشئون الاقتصادية Econ Journal Watch في أبريل 2004.وقام عالم الاقتصاد أليكس تباروك بدراسة تأثير قوانين الموافقة المباشرة على توفر الأعضاء المستخدمة في عمليات زراعة الأعضاء. وقد وجد تباروك أن الضغوط الاجتماعية المضادة لفكرة زراعة الأعضاء تضاءلت بمرور الوقت مع تزايد فرصة اتخاذ قرارات فردية. خلصت الدراسة التي أجراها تباروك إلى اقتراح أن الإلغاء التدريجي للقيود المفروضة على التبرع بالأعضاء والتحول إلى نظام السوق الحرة في عمليات بيع الأعضاء ستؤدي إلى زيادة المعروض من الأعضاء، فضلاً عن تعزيز تقبل المجتمع لفكرة التبرع بالأعضاء من الناحية العملية.

مخاوف أخلاقية

تُثار العديد من المخاوف الأخلاقية عند الحديث عن الإجراءات التنظيمية لعمليات زراعة الأعضاء في الدول النامية، إضافةً إلى كيفية توزيع هذه الإجراءات في هذه الدول، وذلك على الرغم من جانبها الإيجابي الذي يعود بالنفع على من يجرون هذه العمليات في معظم الأحوال. يُعنى الجانب الأخلاقي للموضوع أساسًا بكل من جهة الحصول على العضو وطريقة الحصول عليه لإجراء عملية زراعة الأعضاء، فضلاً عن مفهوم العدالة التوزيعية. تشير منظمة الصحة العالمية إلى أن عمليات زراعة الأعضاء تؤدي إلى الارتقاء بالمستوى الصحي بوجه عام، ولكن مفهوم "سياحة زراعة الأعضاء" قد يؤدي إلى انتهاك حقوق الإنسان أو استغلال الفقراء، وحدوث تداعيات صحية غير محسوبة العواقب، فضلاً عن عدم تكافؤ فرص الحصول على خدمات زراعة الأعضاء، مما قد يسبب أضرارًا في نهاية الأمر. بغض النظر عن أن عمليات زراعة الأعضاء تعد بمثابة "قبلة الحياة"، بالنسبة للمواطنين القاطنين في الدول النامية، إلا أنها قد تتم بشكل قسري. ويمكن أن يعتبر الإكراه تصرفًا استغلاليًا للمواطنين الفقراء، مما يعد انتهاكًا لحقوق الإنسان الأساسية وفقًا للمادتين الثالثة والرابعة من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان. وهناك أيضًا وجهة نظر منطقية تناقض ما سبق تمامًا، وهي أن تجارة الأعضاء البشرية، إذا ما تم تنظيمها بشكل مناسب وفعال بحيث يتم ضمان إبلاغ البائع تفصيلاً بكل التداعيات الناجمة عن التبرع، ستحقق مصلحةً مشتركةً للطرفين البالغين بالتراضي، وأن حظر هذه العمليات يعد في حد ذاته انتهاكًا للمادتين الثالثة والرابعة من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.

وهناك تخوف في الدول المتقدمة كذلك من أن تؤدي حمى زيادة المعروض من الأعضاء البشرية إلى التغاضي عن احترام الحق في الحياة. وقد تتعقد المسألة أكثر إذا ما تأملنا حقيقة أنه لا يمكن تحديد معيار ثابت لتعريف الموت القانوني، بل إنه قد يتغير بسهولة في ظل التطورات التكنولوجية المتلاحقة